مشروع المنصّة
تَعتبر منصّة طِرْسْ مفهوم التداخل بين الممارسات الجماليّة والسياسيّة مُنطلقاً ومنهجاً للتفكير في الإبداعات المعاصرة التي تخترق التخصصات وتتجاوزها نحو قراءة موسوعيّة للأشكال الأدبية والفنية والبحثية، انطلاقا من منظور مغاربي؛ وذلك بالاعتماد على نقد صريح للتراتبيات المعرفية التي قعّدت لها المؤسسات الرسمية والتيارات الطليعية المُكرَّسة، بما في ذلك الأكاديميات والمعاهد الفنية وجهات التمويل الثقافي، الحكومية وغيرها. فلذلك، يوجب انحيازهم الإيديولوجي تسليط الضوء عليه وتحليله.
تتمثّل مجالات استقصاء طرس في التركيز على العلاقة الوثيقة بين الجمالي والسياسي، المغيب بنية مُبطّنة من طرف الفاعلين المُهيمِنين على السّاحة الفنية والمعرفية، وذلك للحفاظ على ديناميات السلطة لصالحم، دون أن نغفل عن الطابع السياسي بامتياز لكل نهج فني ومعرفيّ. يزخر الجمالي الممتد بشكل عام نحو مجال المحسوس وإدراك الواقع عبرالمحسوس؛ بتحديات السلطة والهيمنة. لا يتلخّص هذا التأويل في نقط معينة من التقاطع: بل إنه يغوص في جذور هذه الممارسات الجمالية بحدّ ذاتها، وفي أسواق الفن والتمويلات الحكومية والخاصة، ثم يتشكّل في النظريات، ليتجسد في ممارسات مجموع المشتغلين في الحقل الثقافي. لذلك فإنّ همّنا هو تعرية ونقد الديناميات السياسية الفاعلة في الحقل الفني والثقافي، المغاربيّ والمشرقيّ والمتوسطيّ، للمساهمة في إعادة توزيعها على أسس أكثر ملائمة. على هذا النحو تتوجب دراسة هذا الحقل في جميع أبعاده، من جهة تطوره الداخلي كما في علاقته بباقي العالم؛ من كيفية اشتغال سوق الفن إلى صناعة الذاتيات الفنية والثقافية، مروراً بأشكال الألفة الاجتماعية التي تتشكل في هذا الحقل، وبطبيعة الحال، عبر المقترحات الجمالية التي تتولد داخله. سنحاول جميعاً تعيين جنيالوجيته وإدراك تحوّلاته الراهنة وتقديم عمل استشرافيّ حول مستقبلاته الممكنة.
إنّ الطِّرْسَ هو رقعة تلعب فوقها اليد والعين معاً، بالحبر والممحاة، بالعدسة والملقاط داخل عملية لامتناهية من الإخفاء والإبراز، من الطمس والطرز؛ إنه السيرورة نفسها التي انتقلت وتنتقل عبرها مآلاتنا على مدار القرون، من اللوح إلى الشّاشة… من هنا ننطلق، وندعو جميع المشتغلين بالحقول الإبداعيّة، من فنّانين بصريين وكُتّاب ونقاد فنيّيين ومعماريين وموسيقيين وسينمائيين ومسرحيّين، وكافة صنّاع المحتوى الرقمي، للمساهمة في إثراء النقاش…
الخطّ التّحريريّ
طِرْسْ منصّة مُستقلّة تحترم المساهمات والمساهمين معها في استقلاليّتهم الفكريّة والإبدّاعية، في رفض منهجيّ وحاسم لكلّ أشكال السلطويّة المُبطّنة في الممارسات الأكاديميّة والفنيّة. لا تُمثّل المنصة أيّ عقيدة سياسيّة ولا تتبنّى أيّ مدرسة معرفيّة بعينها. هكذا تنتفح المنصّة على جميع المساهمات الرّصينة والمُعلّلة، ذات الحس النقديّ المُتّقد، والتي تتماشى مع طرحها وتحترم المبادئ الأساسية التي تُحرّك فريقها:
- التضامن الحازم مع نضالات شعوب الجنوب العالمي.
- الرفض التام لكلّ أشغال التمييز سواءٌ كان جنسيّاً أو عرقيّاً أو دينياً.
- الإيمان بمنهج فكريّ نقديّ، بنّاءٍ وخِصبٍ، تُحرّكه الرّوح النقديّة الصّارمة وحُسن النية، بعيداً عن الإقصاء واللّعن والتّرويع، وبعيداً عن الخطابات التدليسيّة والمُخادعة.
نَعتبر هذه العناصر بمثابة خطوط حمراء، غير قابلة للنّقاش، وأيّ عدم احترام لها من طرف المساهمات والمساهمين يؤدّي إلى تعطيل مباشر للتّعاون من جهتنا.
طرائق المساهمة
يتوجّب على المساهمات والمحتويات، إلاّ في حالات خاصّة، أن تتواجد على خط التماس بين مجموعة من الممارسات الفنية و/أو المقاربات النظرية. سواءٌ تعلّق الأمر بالنصوص لتحليليّة أو النقدية، أو بالأعمال الإبداعيّة؛ وإنْ جمعت بين الجهد والهزل، فعليها التعبير عن التزام بالاستقامة والأمانة في موضوعها وفي تعاطيها مع الجمهور؛ وأن تتحلّى بهمّ بحثيّ دقيق كلّما أحالت على مفاهيم أو مقولات فلسفيّة وعلميّة كانت موضوعاً سابقاً للدّراسة.
إنّ هذا الالتزام بالاستقامة والأمانة يُشكّل جزءً لا يتجزّأ من الإيتيقا الفنيّة والفكريّة، ويصوغ قاعدة سليمة لأيّ تبادل فكريّ قائم على الاحترام. دون إدّعاء الإحاطة بتعريف هذه الاستقامة، فإنّنا نضع لها تخطيطاً يشمل خطوطها العريضة.
نعمل على تقييم المساهَمات حسب درجة صرامتها المنهجيّة وأصالتها الأسلوبية، وكذا تقاطع التحديات الجماليّة والسياسيّة فيها. نُعير الاهتمام أيضاً بمسألة انعكاسيّة المؤلِّف.
بعد المراجعة الثالثة لأيّ مساهمة، وما يتخلّلها من تبادل مُعلّل بين فريق التحرير، لجنة القراءة، وكاتب/ـة النص، يحتفظ الفريق التحريريّ للمنصّة بحقّ الرجوع عن قراره في النشر، إذا ما اختلّت واحدة من شروط الاستقامة والأمانة والصّياغة المذكورة أعلاه.
مع ذلك، وباعتبارنا منصّة مُستقلّة عن العالم الأكاديميّ، غير خاضعة لممارساته واستعمالاته، ونظراً لتوجّهنا إلى جمهور عام ومختلف المشارب، تطلب طِرْسْ من المساهمات والمساهمين، الباحثات والباحثين منهم على الخصوص، اقتراح محتويات مُخفّفة، على قدر المستطاع، دون أن يمسّ الأمر باتّساق المنهجية والتحليل النقدي، أو بالهوامش والمراجع الغزيرة، بإيجاز، نقترح انتاج محتويات مقروءة من طرف جمهور واسع وغير متخصّص بالضّرورة.
للرّاغبين في استعمال الكتابة في استعمال الكتابة الشّمالة، يُمكنكم/ـنّ زيارة الرّوابط النصية المضمّنة في لغات المنصة: العربيّة والفرنسيّة والإيطاليّة والإسبانيّة.