ريم مجدي
القيّمة الفنيّة
المعرض الجماعيّ الأوّل الذي يضُمنّ أعمالَ كُلٍّ من الفنان البصريّ خالد البستريوي والفنانة الفوتوغرافيّة شيماء النجّار. رؤى مُشرعة على المتُوسّط، على مناظره الحدية وأسواره وصخوره وشعوبه وأجساده وبناياته، في مواجهة وحدتها الداخلية، مرّة تستدعي غابرها المجيد، ومرّة تقدّم لما يبقي بلا نجاة. رؤيتان تتقاطعان مع البحر كأفق للممكنات المستحيلة. يعبر الفنّانان معاً سُبلاً مُتناظرة: تنحو الفنّانة الفوتوغرافيّة نحو بساطة عراء الكائن (جسد/حضور) وتلتقط ما لا يوصف كما لو كانت تستعيد ذكرى ما… أمّا الفنان البصريّ فيتسلّح بطفولته، باسمه الجريح، حتى ينقش إلى الأبد أثر ذاك الذي لا يوصف.
“تيغمرت نْ ييژري” (ركن الرؤية) هي مساحة شهريّة تطلقها منصّة طِرْسْ لدعوة الفنانين للجدال والحوار والتداخل في الأفكار والأعمال. بين مغرب ومشرق، وعلى ضفاف البحر المتوسّط، تتخطّى هذه المساحة الحدود الجيوسياسيّة بهدف مسائلة الفن المعاصر في عبوره للتخصصات، في تقاطعاتها المشتبكة، وفي تحوّلاته التي بالكاد تُلقط. نحاول ههنا فكّ شفرات الديناميات الحاليّة، ونمنح فضاءً للعرض والتعبير الحرّ، وبالخصوص للأشكال والخطابات ذات المشهوديّة المحدودة أو المُغيّبة من طرف سوق الفن الرّاهن. إنّنا نحبّ الفن، ونحبّ الفنانين السّابقين لزمنهم، أولئك الذين/اللاتي يصعب تصنيفهمّ/نّ؛ هؤلاء المقوّضون والأحرار دون ارتجاف…
أيّوب المُزيّن
قيّم فنّي مشارك
قد يبدو الباب بلا دفّة. لا مزلاج له ولا مفتاح، لكن عبوره يستحيل. مُكتحلاً بالملح، يسهد الحارس. بين ارتفاع وعتبة، ساقاً بساق، يُعيّن خالد البستريوي الحدّ الدائري، يُؤطّر الجزيرة الصخرية، ويُفجّر المدى الأرجوانيّ. ما ننعته بالعُرف باباً، ما نُسمّيه تُخماً لفضاء القوانين والأسرار، يتبدّى هنا والآن رقصةً مسعورةً لأسكّور: إنّه حجُّ الحجل إلى مدافن هسكورة. يحلم الفنان، وبماذا يحلم؟ أسكّور (ⴰⵙⴽⴽⵓⵔ) هو اليعقوب، ذكرُ الحجل. أمّا هسكورة فهم أولاد الحجلة المهاجرة. أنصاف بشر وأنصاف طير، تحوم أرواحهم حول المتوسط وتُجير الزّمان. يحلم الفنان بالحجل إذن ويرسُمه على رِتاج المستحيل.
في هذه المنشأة، يعود البستريوي للوقوف على أطلال عاصمة إمارة النكور: المزمّة. تلك المدينة العتيقة (القرن التاسع للميلاد) التي أهُملت في البداية، ومثل بادس وتمسمان، تحطّمت بعد ذلك على عهد العلويين الأوائل (القرن السابع عشر). حسب المؤرخ الأندلسي أبي عبد الله البكري، كانت للمدينة أربعة أبواب…