بينما كان الإنسان في سالف الزّمان يُخصّص فضاءات عيش ملائمة لطائر الحمام، صار اليوم يُشيّد بنية تحتيّة تعزله عن مجاله عيشه، وتنفيه نحو الحواف، “هنالك حيث تمتنع فضاءات وأزمنة ومجموعات بشريّة عن بعضها، في حِجرِ قلّة قليلة داخل مجال ضيّق، في استحالة تامّة لتحقّق أيّ تجربة للجِوار.”
بالاعتماد على التخييل، ينسُج الفيلم حكاية داخل فضاء صحراويّ، متروك وخالٍ. إقليمُ المنفى. هكذا يتأسّس الحكي من خلال تيهٍ يصير فيه المسير لازمةَ أثيرة. “بشكل آخر، لا يتقدّم الحكي إلاّ على شكل تدفّق للزّمن من داخل المشهد، حتّى يتحقّق بالتالي الترقب التأملي، الأقرب إلى عوالم أندري تاركوفسكي؛ بتحويل ما هو سينمائيٌّ إلى تجهيز نحتيّ يتكوّن فيه الزّمن من أحداث صغيرة.”
في عزّ هذا التّيه، يتكسّر الهدوء العجيب للصّحراء بشدو طير. “داخل هذا البرلمان، يُدعى الملك الكهل للتنازل عن مُلكه مُتحوّلاً على متأوّل، أي إلى ترجمان لكلّ ما يُخلق ويُبتدع به أو دونه، ضدّه أو بسببه. ههنا، بغاية تمثًّل المشهد الرّمزي لهذا التحول، نتخيّل العبور من موقف الإنسان الذي يخطّ الآتي، إلى موقف مُترجم المآلات؛ عدد لامتناهي من كومبراسات بلا حوارات…
النص الذي يتضمّنه الفيلم مقتبس الملحمة الأدبيّة الشهيرة بـ”منطق الطّير” لصاحبها فريد الدّين العطّار (1142-1221)، وقد حكي فيها بالنّظم رحلة وتساؤلات مجموعة من الطيور ذات الأنواع المختلفة.
سمحمّد فتّاكة (طنجة، 1981)
بعد تكوين في المدرسة الوطنيّة العليا لمهن الصّورة والصّوت (Femis) بباريس، أسّس فتّاكة العام 2008 مهرجان السينما الناشئة بالخزانة السينمائية بطنجة. بالموازاة مع عمله السينمائيّ (وثائقيّ، فيديوهات تجريبيّة)، قام بتطوير ممارسة أكثر شموليّة بالعبور نحو التصوير الفوتوغرافيّ، الكولاج، المنشأة، والتجهيزات الصوتية. أكمل فتّاكة تكوينه بتحضير ماجستير في “برنامج التجريب في الفنون والسياسيات” بمعهد الدراسات السياسية العليا بباريس…
آميلي جياكوميني (ليون، 1988)
تعيش وتشتغل بين مُرّاكش وباريس. عبر تشكيل نوع من الحكي البصري والصوتي، من خلال أعمال أدائيّة مباشرة أو مُصوّرة، تقوم آميلي بصياغة منشآت أدائيّة تترجم المنحوتات والأجساد في الواقع انطلاقا من قصص مأخوذة من الأسطورة، ومن الأدب، في التقاءها بالهندسة المعماريّة.